أديان

العدد الرابع ..شهر نيسان عام ٢٠٢٣ …التسامح كقيمة وشرط للشعور بالسلام الداخلي .

مِن المُسلَّم به أنَّ التسامح أحد روافد تعزيز العلاقات الاجتماعية بينَ أفراد المجتمع، وتثبيت الثقة المتبادلة بين الناس كقوة إنسانية فاعلة، لها آثار نفسية تنمّي الأفكار البنّاءة في النفس والمجتمع، وتَجزم على أهمية قيمة التّسامح في رفع جودة حياة الإنسان. للتسامح آثار نفسية إيجابية عديدة تعود بالفائدة على الصحة النفسية للفرد والمجتمع ككل. فالتسامح قيمة تساعد على الشعور بالسّلام الداخلي، وتعطي لأفراد المجتمع دفعة قوية للإحساس بالأمل وتجديد الشعور بالحب والخير. فلقد أدرك علماء النفس حديثاً أهمية التسامح وصلته الوثيقة بالسعادة النفسية  لأن المشاعر الايجابية حتما تُوَلِّد حالة مِن السرور في المجتمع الذي هو نسيج اجتماعي مِن صُنع الإنسان ، وفي هذا النطاق نجد أنَّ البحوث التجريبية والوصفية ذات الصِّلة تؤكد وجود علاقة وثيقة بين الالتزام الأخلاقي وبين الصحة النفسية ؛ وأنّهما يتناسبان تناسباً طردياً. ويُعد التلاحم المُجتمعي وتحقيق الانسجام بين أفراد المجتمع مِن آثار التسامح الإيجابية في المجتمع على المستوى النفسي؛ حيث تزيد في المجتمع نسبة المودة والاقبال على المساعدة؛ مِما يخلق حالة التوافق والتعايش بين أفراد المجتمع كافة بدون استثناء بتعددهم الثقافي والديني. ذلك لأن التسامح مِن مَدلولاته إقرار بحق الآخر في الحياة وفي الوجود، ولهذا الغرض اعتبر أهم وسيلة في توطيد العلاقات وترسيخ الثقة المتبادلة بين الناس . وتعد تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في إدارة التسامح والتعددية ومنظومة التسامح مثالا يُحتذى به في تعزيز قيم الاندماج والتسامح في المجتمع ، ودعم تمكين المرأة والشباب والجيل الناشئ. ومِن مكاسب التسامح الشُّعور بالتفاؤل في الحياة حيث يَمتلك أفراد المجتمع نزوعاً إنسانياً وقناعة إيجابية لاستبشار الخير وحدوث كل ما هو سار في المستقبل، وتوقع أفضل النتائج؛ مِما يُحقق قيمة حياتية للفرد وللمجتمع. ولعلّ الاستطلاع العالمي الذي أجرته مؤسسة يوجوف  تثبت أنَّ التسامح يجعل الناس يشتركون في نظرتهم المتفائلة للمستقبل، ويرون أنَّ الاحترام والاحتفاء بالتنوع هما مفتاح بناء مستقبل أفضل للجميع. فالمجتمع المتسامح، أكثر تمتُّعاً بحسن المزاج وأقدر على المبادرة مِن غيره، وأقرب إلى التفاؤل في الحياة مِن الآخرين، وبناء علاقات جيدة مع الناس، ويبعث الرضا والثقة والأمل في المستقبل لدى الأفراد. يستخلص مِما سبق أنَّ للتّسامح آثاراً نفسية على المجتمع في سائر نواحي الحياة، لوجود علاقة ارتباطية دالة بين التسامح والانفعالات والأفكار الإيجابية المُعززة للتّعارف العُمراني. إنّ الآثار النفسية للتسامح تعمل على بناء السِّمات الإيجابية التي تساعد الأفراد والمجتمعات، ليس على التّحمل والتقبل والبقاء فحسب، بل تزيد من رفاهية المجتمع، وتُنمي قِواه الإيجابية على مدى الحياة، في الصحة والعلاقات والعمل.

. عن دار زايد للثقافة الاسلامية ..بتصرف من هيئة التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wpChatIcon
translate