في علاقة التضاد بين التسامح و التمييز العنصري
يُعدّ التمييز العنصري، أحد أخطر المظاهر والممارسات البغيضة التي تتسبب في تصدع المجتمعات وتفتت الأمم. فالعنصرية بكل أشكالها ومستوياتها، الثقافية والعقدية واللونية والجنسية والطبقية والعرقية، تُمثّل انتهاكاً صارخاً لحقوق ومصالح الأفراد والمجموعات الذين تُمارس ضدهم هذه العنصرية المقيتة التي تتصدر “قاموس الكراهية البشري” على مر التاريخ.
والكتابة عن العنصرية وتوصيفاتها وأسبابها وآثارها وعلاجاتها، تحتاج إلى دراسات وأبحاث، فضلاً عن مواجهتها وتجريمها. وهنا سنحاول قدر المستطاع أن نرصد بشكل مباشر ومختصر، بعض الأمثلة والأسباب والآثار والحلول لظاهرة العنصرية:
تُعتبر العنصرية ضد المرأة والسود والمهاجرين واللاجئين والفقراء والمهمشين والأجانب والأقليات والمنحدرين من أصول معينة، من أكثر الأشكال/الأمثلة العنصرية التي تُشكّل خطراً كبيراً على سلامة واستقرار المجتمعات والدول.
أما أسباب ومحرضات العنصرية، فهي كثيرة وخطيرة، لعلّ أهمها: غياب ثقافة التسامح ما بسبب الجهل وغياب الوعي والجشع والأنانية، واختلاف اللغات والعادات والثقافات والمعتقدات والأعراق، والفروق المادية والتعليمية والطبقية، إضافة إلى الضخ الإعلامي الكريه الذي يروّج للعنصرية ويُشجع على التفاخر والتمايز.
والآثار والنتائج التي تُسببها العنصرية، كبيرة ومثيرة، أهمها: تفكيك الروابط والوحدة المجتمعية بين الأفراد والجماعات، وزيادة منسوب الاحتقان والنزاعات في المجتمع، وتفشي مظاهر الكره والحقد وغياب حالة التسامح والانسجام بين مختلف الأطياف والأطراف، وتعثر مسيرة التنمية والازدهار.
أما حلول وعلاجات العنصرية، فهي عادة تتمحور حول إشاعة ثقافة الاختلاف والحوار بين كافة المكونات والتعبيرات المجتمعية، وتعزيز قيم التسامح والانفتاح في مؤسسات التنشئة الاجتماعية ممثلة بالأسرة والمدرسة والمسجد، وفرض قوانين وتشريعات واضحة وصارمة لتجريم ومحاربة كل مظاهر وملامح العنصرية، ومراقبة ومحاسبة الإعلام بكل أشكاله ومستوياته ليمارس دوره الإيجابي والفاعل بعيداً عن تأجيج وترويج العنصرية والتمييز.
العنصرية واحدة من أسوأ الممارسات والسلوكيات التي تُهدد أمن واستقرار المجتمعات والأمم، ومواجهتها ومحاربتها ضرورة ومسؤولية مشتركة بين الأفراد والمجموعات والنخب والمؤسسات والحكومات والنظم والدول.
يقول نيلسون مانديلا “1918-2013”: “لا يوجد إنسان ولد يكره إنساناً آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه، فالناس تعلمت الكراهية، وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية، إذاً بإمكاننا تعليمهم الحب، خاصة أن الحب أقرب لقلب الإنسان من الكراهية”