قضايا و تقارير

العدد الأول ..شهر كانون الثاني عام ٢٠٢٣… بيت العائلة الابراهيمية كمدخل مؤسسي اخر للتسامح بين الاديان الثلاث ..تجربة الامارات العربية نموذجا

في تقدم انساني مذهل بدأ يحصل منذ سنوات في منطقة الخليج العربي ،شرعت حكومة الامارات العربية المتحدة سياسة انفتاح انساني غير مسبوق على الاخر الديني ، سواء في فضائها الداخلي او على صعيد منطقة الشرق الاوسط و العالم ، فأعلنت عن انشاء وزارة تحمل قيمو التسامح عنوانا لها و تتخذ منه محددا رئيسيا لنشاطاتها و فعاليتها ، و هي الوزارة الاولى من نوعها في العالم له كما اسست دولة الامارات و في ذات السياق اللجنة العليا للأخوة الانسانية التي ما لبثت ان نشطت و ثابرت لاستدعاء قيمة التسامح و وسمه على كافة اشكال الحياة و التفاعل في المجتمع الاماراتي و خارجه واستمرت

تمد جسور القبول والتسامح بين الاسلام بوصفه دين و ثقافة المجتمع الاماراتي ، بين افراده و أفراد الديانات الإبراهيمية الاخرى : المسيحية واليهودية. فكشفت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية عن مؤسسة جديدة و مركز لنشر قيم التسامح و الثقافة الانسانية تجسده واقعا من خلال تصميم ما أطلق عليه اسم “بيت العائلة الإبراهيمية”.

وبيت العائلة الإبراهيمية هو مركز سيتم افتتاحه في عام 2022، وهو مخصص للديانات الإبراهيمية الثلاث: المسيحية والإسلام واليهودية، والذي سيضم مسجدًا وكنيسةً وكُنيِّسًا في نفس المكان، بالإضافة إلى متحف ومركز تعليمي، في جزيرة السعديات بأبوظبي، من تصميم المهندس المعماري البريطاني ديفيد أدجاي، ويعتبر المركز أول مبادرات اللجنة العليا للأخوة الإنسانية.

التسامح الديني في بعض الديانات

الدين الإسلامي يعترف الإسلام بوجود جماعات مختلفة عن الدين الإسلامي، ويعترف بشرعيتهم استناداً على قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ) [البقرة: 256]، كما يضمن الإسلام حرية ممارسة الشعائر الدينية لمعتنقين الديانات الأخرى، فحث على أن تقوم العلاقات بين المسلمين وغيرهم على أساس الإحسان، وذلك استناداً على قوله تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة: 8]، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام دائماً ما يعلم المسلمين خلق التسامح الديني. الدين المسيحي يزخر الدين المسيحي بمبادئ التسامح بأنواعه، ومن دلالات التسامح في الإنجيل: (كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ)، فقد نادت المسيحية بنشر المحبة والسلام، ومنع الظلم، والصفح عن الظالم وطلب المغفرة له. الدين اليهودي أوصت اليهودية بالتسامح، ومن هذه الوصايا: (اغتسلوا وتطهّروا وأزيلوا شرَّ أفكاركم، وكفّوا عن الإساءة، وتعلّموا الإحسان والتمسوا الإنصاف).

ما الديانات الإبراهيمية؟

يطلق عليها الديانات الإبراهيمية نسبة إلى النبي إبراهيم، الذي يعتبر مصدرًا للديانات الثلاث؛ حيث يعتبره اليهود جدًّا مقدسًا، فيطلقون عليه “أبانا إبراهيم”. ويعتبر المسيحيون أن إبراهيم رمز روحي ونموذج للإيمان ويصورونه في أيقونة مسيحية كشاهد للثالوث المقدس. ويؤمن المسلمون بأنه أبو الأنبياء.

وتلتقي الديانات الثلاث في عدة أُسس مشتركة، كالتوحيد؛ إذ يؤمن أتباعها بإله يدير الكون ومسؤول عن الخلق، كما يؤمنون بالأنبياء مع ضرورة الإشارة إلى اختلاف الأنبياء المصدق بهم بين كل ديانة وأخرى.

إلى جانب الإيمان بالوحي الإلهي، تعتقد الديانات الثلاث بوصول المعرفة إلى الإنسان عن طريق وكالة إلهية وليس عبر التكهنات الفلسفية، كما تتبنى خطًّا تاريخيًّا واحدًا يبدأ من الخليقة، ويؤمن أتباعها بالقصص المذكورة في الكتاب المقدس والقرآن كقصة نوح وقصة وموسى. فالمشتركات بين الأديان الإبراهمية أكثر من التناقضات، ويظل الحاجز بينها هو التعصُّب والتطرف، ذلك الجدار الذي لا يمكن تحطيمه سوى ببناء جسور الفهم المتبادل ونشر التسامح كمصلحة إنسانية شاملة وعُليا.

نشر التسامح

جاء بيت العائلة الإبراهيمية كمحاولة لنشر التعايش والقبول المتبادل بين الديانات الثلاث والعالم كله؛ بهدف رتق فجوة الكراهية التي تنشأ بين البشر نتيجة لعدم قبول الاختلاف والتنوع الفكري والعقائدي، خدمة لنشر التسامح الديني، وضمان مستقبل مشرق ومتسامح للأجيال القادمة، وهذا ما تسعى اللجنة العليا لتحقيقه.

وكانت منظمة “اليونيسكو” قد عرَّفت التسامح، فذكرت في ديباجة أصدرتها عام 1995 أن “التسامح هو احترام وقبول وتقدير التنوع الغني لثقافات العالم، وأشكال التعبير عن إنسانيتنا؛ فالتسامح مدعوم بالمعرفة والانفتاح والتواصل وحرية الفكر والوجدان والمعتقد، وهو الانسجام في الاختلاف. التسامح ليس واجبًا أخلاقيًّا فحسب؛ بل مطلب سياسي وقانوني. هو الفضيلة التي تجعل السلام ممكنًا، وتسهم في الاستبدال بثقافة الحرب ثقافة السلام”.

وسابقًا حاولت منظمات عبر مبادرات، تفعيل الحوار بين الديانات بما يخدم التسامح، بل يوجد ما يُسمى بيوم التسامح العالمي الذي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدول الأعضاء، عام 1996، إلى الاحتفال به بتاريخ 16 نوفمبر من كل عام، (بموجب القرار 51/95).

عن اللجنة

صادق البابا فرنسيس إلى جانب الإمام الأكبر للأزهر فضيلة الشيخ أحمد الطيب، في دولة الإمارات العربية المتحدة، على وثيقة الأخوة الإنسانية بحضور الشيخ محمد بن زايد والشيخ محمد بن راشد، بتاريخ 4 فبراير 2019

وبناءً عليه تشكَّلت اللجنة العليا من أجل تحقيق أهداف الوثيقة، وتم تكوين إطار تشغيلي يضمن تحقيق الأهداف والغايات المرجوة، وتتولَّى اللجنة تنفيذ الخطط والبرامج والمبادرات في سبيل تكريس أحكام الوثيقة، التي تدعو إلى السلام والتعايش وضمان مستقبل مشرق ومتسامح للأجيال القادمة.

وتشرف اللجنة العليا على تنفيذ أحكام الوثيقة على الصعيدَين الإقليمي والدولي، وعقد اجتماعات دولية مع الشخصيات الدينية، والقادة، ورؤساء المنظمات الدولية، والجهات ذات الصلة، إلى جانب دورها في الإشراف على بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي.

كما أن اللجنة العليا مكلفة بحثّ “السلطات التشريعية على التقيد بأحكام الوثيقة في التشريعات الوطنية؛ من أجل غرس قيم الاحترام المتبادل والتعايش”.

بتصرف عن كيبوست … هيئة تحرير محلة تسامح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wpChatIcon
translate