إثنيات

العدد الرابع ..شهر نيسان عام ٢٠٢٣..التسامح : هل لديه جذور في الروحي ام هو حصيلة زمنية ؟! .

إن التفكير في التسامح في زمن يحكمه العنف ويسوده الإرهاب، ويزخر بنزعات التبشير الدينية منها والدنيوية، التفكير في التسامح في هذا السياق التاريخي والفكري الذي يرفض الآخر، هل هو صيحة في واد؟

احترام الآخر بدل ابتلاعه، هذا هو التسامح، و قيمة التسامح التي أبرزها الإنسان المعاصر في فلسفة حقوق الإنسان وشرعتها، ولها ركائز متينة في الفكر التوحيدي، وعلى العكس مما رماه التاريخ السيء على الأديان أو رمته القراءة الناقصة أو الجاهلة على النصوص”.

ويعرف التسامح بانه يعني القدرة على تحمل الرأي الآخر، والصبر على أشياء لا يحبها الإنسان ولا يرغب فيها، بل يعدها أحيانا مناقضة لمنظومته الفكرية والأخلاقية. و السؤال حول ما إذا كانت الثقافة العربية الإسلامية عرفت هذا النوع من التسامح، وهي الثقافة التي قامت على امتلاك الحقيقة وحجب الحقيقة على الأديان والثقافات الأخرى؟ فالاجابة تكون بأن فكرة التسامح عرفها الإسلام نصا وتاريخا، فالقرآن يزخر بآيات تدعو الى التسامح، كما أنه في التاريخ الإسلامي حوادث كثيرة تؤكد تسامح المسلمين مع الشعوب الأخرى.

مع ذلك لا بد من التأكيد على أن فكرة التسامح فكرة جديدة على البشرية، عرفت ولادتها الحقيقية و المعاصرة مع فلسفة ليفيناس ودريدا، فلسفة الاختلاف الفرنسية، التي ترى أن العلاقة مع الآخر لا يجب أن تكون علاقة تبشيرية، تهدف الى كسبه الى صف الأنا، بل علاقة تحترم الأخر، وتحافظ كما يقول ليفيناس على مسافة بين الأنا والآخر.

فلا اختلاف ولا تسامح مع وجود التبشير، سواء كان تبشيرا دينيا أو سياسيا كما نصادفه اليوم في فكر الليبراليين الجدد. ونقد السياسة الأمريكية أو فكر الليبراليين الجدد لا يجب أن يعتمد على مرجعية دينية أو قومية، بل لا بد من انتقادها عن طريق تعميق مفهوم الديمقراطية نفسه وتخليصه من فيروس التبشير، عن طريق البحث عن ديمقراطية قادمة اذا استعملنا لغة الفيلسوف الكبير جاك دريدا.

هيئة التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wpChatIcon
translate