افتتاحية العدد

افتتاحية العدد السادس … في الفرق بين التسامح و الصفح

رغم انتماء كل من مفهوم التسامح و الصفح الى سياقين تاريخيين و معرفيين مختلفين ،و ورغم ان كل منهما يحمل معنى مختلفا عن الاخر ، الا ان استخدام المفردتين في فضاء اللغة العربية انما يتم في اطار خلط تام بينهما ، و هو خلط تظهر معه ضرورة الوقوف عنده والتامل حوله ، فإذا كان مفهوم الصفح يحيل الى التجاوز عن الاساءة و الخطأ الذي يحصل من قبل احد ما على الاخر ، والذي يعني عدم الانتقام ماديا او معنويا من المخطئ ، كالقول سامح الرجل أخيه ، اي صفح و تجاوز عنه ، حيث في اللغة العربية مصدر فعل سامح هو مفردة تسامح . فإن معنى التسامح ، القيمة التي نعمل من أجلها في مجلتنا و التي تتسمى به ، يحيل الى قبول الاخر المختلف على مضض بسبب الاختلاف و ليس ثمة خطأ مارسه الاخر تجاه الذات او العكس ، الاول موقف روحي لا يعد واجبا أو حتميا ، حتى تستمر الحياة معه وتنضج ، في حين ان الثاني موقف فلسفي له قيمة اجتماعية و حياتية حتمية ، فبدون قبول الاخر و لو على مضض ، لا يمكن للحياة الاجتماعية ان تستمر و تتناغم ، سيما وان التعدد الاثني و الديني ، و الاختلاف في الهويات امر تعيشه كثير من المجتمعات الانسانية و الدول الحديثة ، و دون التسامح (ذو الجذر الفلسفي الحديث ) الذي يتوافق مع استخدامنا اياه في مجلتنا ، تستحيل الحياة و تتحول الى حرب و احتراب دائم ،إذن فدلالة كل استخدام كل من المفهومين و مستوى تعرف البشرية عليهما مختلف الى حد بعيد ، يجب الانتباه اليه و تدارك الخلط الذي يحصل فيه وايجاد حل لذلك ، و اذا كنا نريد اخذ الفارق بين المفهومين و الاستخدامين على محمل الجد و ضبط استخدامهما انتصارا لحتمية و اهمية التسامح الفلسفي في المجتمعات الا انه يجب ان لا نقلل من اعتبار الاستخدام الاول له ذو قيمة روحية غاية في الجمال و الاستثنائية .ناهيكم ان الاستخدام الثاني للتسامح ( الفلسفي ) لا يمكن ابدا ان يتعارض مع جوهر جمالية التجربة الدينية الاسلامية و المسيحية و اليهودية على حد سواء بل يتناغم ينسجم . و هو ما نؤمن به و نؤكد عليه .

هيئة تحرير مجلة تسامح الالكترونية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wpChatIcon
translate