جندر

العدد الثالث ..شهر آذار عام ٢٠٢٣..في المساواة و المساواة الجندرية

صفة عامة , هناك تفاوت بين البشر ,فأصل هذا التفاوت انه قد حدثت تحولات متعاقبة اعتورت النظام البشري وان هذه التحولات  قد اثرت وغيرت بشكل كبير طبيعة جميع افراد النوع الواحد فكانوا كالحيوانات من قبل ولكن مع دخول هذه التغيرات بعضهم قد كمل  وافسد وبعضهم قد اكتسب صفات جديدة مختلفة وحسنه ولكن الاخرين قد ظلوا علي حالهم الاصلي زمناً طويلا وهذا هو التفاوت البشري وهذا التفاوت يأخذ شكلين : هو  التفاوات “الطبيعي او الفيزيوي” لانه من وضع الطبيعة ويقوم علي اختلاف الاعمار والصحة وقوي البدن وصفات النفس او الروح والطول والوزن والهيئة ووغيرها والنوع الاخر هو ما  أطلق عليه “التفاوت الادبي “كأن يكون اكثر قوة من غيره افضل وضعا اكثر ثراء او في وضع ينتزع فيه الطاعة ().

 فجميعنا لديه قدرات وامكانات تختلف من فرد الي اخر وبالرغم من ذلك نجد ان هناك العديد من النظريات التي تؤكد علي ان هناك مساواة  بين الجميع فالبشر جميعهم متساوون بالطبيعة وهذا قد ينعكس علي جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا قد يُطلق عليه (  نظرية المساواتية egalitarian theory ) لذلك فان تفكيك سياسة التمييز العنصري في جنوب افريقيا يعتمد علي هذه النظرية ()

التعريف اللغوي ووالاصطلاحي للمساواة :

اولا التعريف اللغوي 

 المساواة :بمعني ساواه , ماثله وعادله. بالتالي هي المماثلة والمعادلة اي المشابهه والمطابقة 

التعريف الاصطلاحي :

  المساواة :

هي التماثل بين الجميع في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب اللون العرق , الدين او الحالة الاجتماعية وتوافر معاملة مساوية لكل بني البشر، والغاء الفوارق الموجودة والتي تظهر بحكم الطبيعة . يرتكز حق المساواة على حقيقة أن البشر متساوين فيما بينهم، أي: لا يوجد أناس فوق أناس، أو أناس تحت أناس. حق المساواة هو حق أساسي في المجتمع الديموقراطي فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات  لافضل لاحد علي اخر ()

 متي نشا المفهوم :

ظهرت المساواة لاول مرة منذ ثلاثة الاف سنة. ظهرت من خلال ما كتب في التوراة فهي تؤكد انه لا يمكن لانسان من بني اسرائيل ان يكون منصبه اعلى من منصب اخوته الاخرين فالجميع سواسية  امام الله.

اين ظهر المفهوم :

وأول ذكر للمساواة عند الغرب، كان من خلال إعلان الاستقلال الأمريكي حيث أشير فيه إلى مبدأ المساواة بين الناس وعدم التمييز بينهم اي الغاء الفوارق بينهم ()

تطور المفهوم :

ان اقدم مفهوم للمساواة كان يُطلق عليه :”المساواة التأسيسية “حيث يفترض ان جميع البشر متساويين بمقتضي الجوهر البشري المشترك اي منذ الطبيعة  فالبشر كلهم متساوون امام الله ولا فضل لعربي علي اعجمي الابالتقوي وقد هيمنت هذه الفكرة علي الفكر السياسي في 

القرنين السابع عشر والثامن عشر  مثلا” الاعلان الامريكي للاستقلال” الذي  يؤكد علي ان البشر جميعه واحد اي لامن اصل واحد فلا يوجد اي فوارق تُذكر اي انهم  قد خلقوا سواسية ولكن هناك العديد من التحولات التي قد طرأت علي حياة البشر وجعلتهم متفاوتيين فيما بينهم ” والاعلان الفرنسي لحقوق الانسان”  ينص علي ان البشر قد ولدوا احرارا ومتساوون في الحقوق لذلك فانهم يؤكدون علي ان البشر جميعهم متساوون فقد ولدوا وخلقوا متساوون اي هناك مساواة تامة بين الجميع دون وجود اي تمييز سواء بسبب الدين , الجندر , الجنسية , الللون فالجميع سواسية اي هناك مساواة في الفرص بين الجميع  فقد كانا هذان الاعلانان تأكيدات معيارية بشأن القيمة المعنوية والاخلاقية لكل حياة بشرية .

ولكن في الفترة الحديثة لم تكن “المساواة التأسيسية “مرتبطة بفكرة “تساوي الفرص ” فالبرغم من ان كثير من المفكريين امثال لوك  كانوا بيؤكدوا ان جميع البشر متساوون الا انهم كانو بيدافعو عن الحقوق المطلقة للملكية وحصر حق الاقتراع علي من يملكون ملكية ما ولكن دون استئصال لاي او استبعاد الجنس الانثوي ولكن هنا اري التناقض الصريح في هذه العبارة فكيف انهم يؤكدون علي المساواة من جانب ؟؟ومن جانب اخر يقصرون حق الاقتراع علي من يمتلكون ملكية ما ؟؟ ثم بعد ذلك ظهور” مفهوم الفرص المتساوية“فقد ظهرت هذه الفكرة في المرحلة التالية علي ظهور المساواة الاساسية فالديموقراطيين الاجتماعيين يعتبرون ان هذا المفهوم هو حجر الزاوية للعدالة الاجتماعية وهي تعني ان المجتمع  يركز بشكل اساسي علي المجهود الفردي ويؤكد علي تحقيق اكبر قدر من المساواة الاجتماعية والاقتصادية كما يقول ماركس()

الابعاد :

تتعدد الابعاد المتعلقة بالمساواة ,فالمساواة يجب ان تتحقق في كل المجالات دون استبعاد اي منهما فكلهم يشيروا الي اهمية معاملة الجميع معاملة واحدة دون تمييز وذلك  في المجال (السياسي , الاقتصادي , الاجتماعي ,والقانوني او حتي المساواة الجندرية …..)

المساواة السياسية :

 يُقصد  بها اعطاء الجميع حقوقه السياسية  دون تمييز, فكل فرد له حرية التعبير بغض النظر عن انتمائه ,فالديموقراطية هي اساس اي مجتمع  فالمساواة ليس فقط بين فرد وفرد ولكن المساواة تتجسد في احساس الفرد بدوره السياسي دون استقصاء لاي فرد من التعبير عن رأيه   كالمساواة امام صندوق الانتخاب وتعني ان كل مواطن عندما يصل الي سن معين يسمح له بالتصويت في الانتخابات وان كل الاصوات متساوية ولها وزن  والمساواة في الترشح لتولي المناصب العامة , ويمكن ان توجد بعض حالات من عدم المساواة من الناحية الواقعية فجميع الافراد لا يحملون صفة المواطنة  , واولئك الذين لم يبلغوا السن القانوني للانتخاب لا يتمتعون بالمساواة السياسية بهذا المعني اما عن حق الافراد في الترشح لتولي المناصب العامة فان هناك شروطا معينه يتطلبها القانون بالاضافة ان هذه العملية اصبحت باهظة التكاليف مما قد يخل بمبدا المساواة 

من وجهة نظري اري ان هناك بعض الشروط المتعسفة من اجل ممارسة الحقوق والحريات السياسية مثل بلوغ المرشح او الناخب سن معين حتي يتمكن من التعبير عن رايه او المشاركة السياسية , فأري ان هناك بعض من الشباب التي لم يصل الي سن الرشد ولكن ارائهم السياسية يُعتد بها والعكس قد يحدث فنجد ان هناك بعض الرجال الذين قد بلغوا سن الرشد دون ان يكون لهم اي دور لذلك يجب اعطاء الجميع حق المشاركة مع استبعاد هذه القيود التي تعوق العملية السياسية 

المساواة القانونية:

 فتعني ان الافراد يتمتعون بنفس المعاملة امام القانون , فالقانون يجب ان يُعامل الجميع معاملة واحدة بغض النظر عن العرق او الدين او الجنس  فالمظهر الاوضح للمساواة الاساسية هو مبدأ ” المساواة القانونية ” او المساواة امام القانون لذلك فالقضاء يجب ان يغض البصر عن جميع العوامل الاخري التي تخلق التمايز بين البشر اي تغض البصر عن اي عوامل ليست متعلقة بالقضية محل النظر  وبالتالي المساواة القانونية هي الاساس لاحكام القانون 

اري ان هذا البعد يعمل بشكل اساسي علي تطبيق مبدأ المساواة علي الجميع بدون اي تمييز مع تجاهل العفوارق التي تخلق التفاوت بين البشر . 

المساواة في الحراك  الاجتماعي : 

بمعني ان قدرات الفرد وانجازاته داخل الدوله تمكنه او تعطيه حرية الانتقال من مكانه اجتماعية الي مكانة اخري او من طبقة الي  وذلك علي حسب القدرات والامكانيات التي يمتلكلها كل فرد ووفقا لمدي استغلاله لهذه القدرات والكفاءات وغياب القيود المختلفة التي تحول دون وصول الفرد الي توظيف هذه الامكانات والاستفادة منها 

اري ان هذا البعد  فعلا يسعي الي اعطاء الجميع نفس الفرص في الانتقال من مكانه اليس اخري دون تمييز  ويسعي ايضا الي تطبيق المساواة بين الجميع 

المساواة الاقتصادية

:ان كل شخص  عليه ان يشعر بأن لديه ما يحقق  اكتفاءه اي لديه ما يحقق امنه الاقتصادي وبعبارة اخري فان التركيز هنا يكون علي فكرة الامن الاقتصادي وليس علي المساواة  وبطبيعة الحال فان درجة الامن هذه تختلف اختلافا بيناً من فرد الي اخر وتنطوي وجهة النظر هذه علي فكرة انه بدون الامن فان الحرية والخصائص الاخري اللصيقة بالديموقراطية تصبح مستحيلة 

وهكذا فان درجة الامن الاقتصادي والتي يمكن ان نطلق  عليها تجاوزا المساواة الاقتصادية تكون ذات صلة ايجابية بالديموقراطية فالدرجة المرتفعة من عدم المساواة الاقتصادية يمكن ان تغير من النظام  الديموقراطي وتحوله الي شئ مخالف 

المساواة الاجتماعية:

 بمعني تحقيق المساواة بين الجميع داخل المجتمع بدون تمييز, فمن طبيعة الحال نجد ان المجتمع يتكون من مجموعة من الطبقات  فهناك قطاعات مختلفة من الافراد تمتلك مهن ودخول مختلفة من فرد الي اخر ولكن يجب ان نؤمن بهذه النظرية اي نظرية التفاوت بين الطبقات    حتي لا يحدث صراع بين هذه الطبقات وان يتم تقبلهم جميعا كما لو كانت لا توجد بينهم اي اختلافات ولكن يلاحظ ان هذا النمط من المساواة ترد عليه بعض القيود الهامة الناجمة عن التفاوت الاقتصادي  فاذا كان احد الافراد ينتمي الي الطبقة الدنيا, اخر ينتمي الي الطبقة الوسطي والاخير ينتمي الي الطبقة العليا فانه من الصعب حدوث مساواة اجتماعية بينهم . 

اي هناك مساواة بين ابناء الطبقة الواحدة ولكن لا تتوفر هذه المساواة بين ابناء الطبقات الاخري  وهذا قد يُطلق عليه المساواة النسبية والمساواة الحقيقية .فان المرأة ايضا تقوم بنفس المهام 

 المساواة الجندرية :

المساواة بين الجميع والقضاء علي  التمييز بين الذكر والانثي فكلاهما متساوون في الحقوق والواجبات فكما ان الرجل يقوم ببعض المهن  او المهام الصعبة فان المرأة ايضا تقوم بنفس المهام التي يقوم بها الرجل فالمساواة الجندرية شكل من اشكال المساواة التي يجب توفيرها وتحقيقها داخل جميع المجتمعات فقد كانت  هناك العديد من الزعيمات المبكرات لحركة تحرير المرأة والمطالبة بالمساواة بين الجنسيين امثال”ماري ولستونكوفت ” حيث اكدوا بأن كل فرد مخول بنفس الحقوق في التعليم والقانون والسياسة  وان النساء يجب معاملتهن كبشر بغض النظر عن تمييز الجنس

نرى ان هذا النوع من المساواة غير موجود في كثير من الدول اي ان الكثير من الدول تقوم بالتمييز بين الجنسين واعطاء الرجل مكانه اسمى من مكانة المراة  ليس ذلك فقط بل ايضا منعها من ممارسة بضع المهام والحقوق السياسية ومنعها من استكمال تعليمها بحجة تنها مرأة واقتصار دورها فقط علي رعاية المنزل والعناية بالاطفال  لذلك فقد ظهرت العديد من الحركات التي تنادي باعطاء المرأةى حقوقها كانت بداية مع ظهور حركة هدي شعراوي التي تناضل من اجل المرأة والمساواة بينها وبين الرجل .

المساواة والمساواة الاساسية :

المساواة : هي معاملة الجميع بنفس المعاملة , اما المساواة التأسيسية  بمعني ان جميع البشر متساويين بمقتضي الجوهر البشري المشترك اي منذ الطبيعة  فالبشر كلهم متساوون امام الله ولا فضل لعربي علي اعجمي الابالتقوي فكلاهما يشير الي نفس المنطق فالعلاقة تكاملية اي كلا منهما يكمل الاخر 

فهناك ارتباط واضح بين بين كلا منهما فكلاهما يشير الي ضرورة معاملة الافراد داخل الدولة علي قدم المساواة بدون تفرقه وذلك بحكم بشريتهم المشتركة فخير مثال علي ذلك هي المساواة القانونية  بمعني ان القانون يجب ان يعامل كل فرد علي اعتبار انه فرد داخل الدولة دون اخذ الحالة الاجتماعية او المكانة او المناصب التي يحصل عليها او اللون او العرق او الدين وهذا هو المعني الواضح للمساواة فهناك تداخل وترابط بين المفهومين حيث ان هدفهما هي معاملة الجميع معاملة واحدة  ولكن من اهم عيوبه هي ان مهمته الاساسية هي استئصال الامتيازات الخاصة ()

:بالرغم من العلاقة التكاملية بين كلا منهما فهل هذا يعني انها موجودة بالفعل علي ارض الواقع ؟؟ فالمساواة التي تقوم علي الغاء الفوارق هي غير موجودة فعليا فهناك العديد من التمايزات التي توجد بين البشر في بعض الدول دون الدول الاخري فالمساواة يجب الا يكون مجرد شعارات ترفع بل يجب التطبيق الفعلي 

المساواة والديموقراطية :  الديموقراطية هي حرية الفرد في التعبير عن ارائه بكل حريه دون وجود اي قيود تحده من عملية المشاركة السياسية ,

 فالمساواة والديموقراطية وجهان لعملة واحدة فكلاهما يؤدي الي الاخر فالمساواوة تؤدي الي الديوقراطية وكذلك الامر بالنسبة للديموقراطية فهي تؤدي الي المساواة , هناك علاقة متداخلة بين كلا من المساواة والديموقراطية فالديموقراطية  هي حكم الشعب نفسه بنفسه وهي شكل من اشكال المساواة بين الجميع فتقوم علي حرية الجميع في اختيار ممثليه دون استقصاء اواستبعد اي فرد اي ان الجميع لهم فرص متساوية في الاختيار فبالتالي فكره ان الشعب هو السلطة النهائية ومصدر سلطه الحكومة-هو مبدا أساسي من مبادئ الديمقراطيةوالمساواة السياسية بين جميع المواطنين  فالديموقراطية بمعني وجود “الانتخابات الحرة” تعني ان جميع المواطنين البالغين يمكنهم التصويت في الانتخابات والترشح للمناصب دون منعهم من المشاركة ومن هنا فالديموقراطية تسير بمبادئ المساواة بين الجميع .

كما قيل ان المساواة والديموقراطية وجهان لعملة واحدة بمعني ان المساواة توجد في دول ذات نظام الحكم الديموقراطي فماذا عن الدول الغير ديموقراطية ؟؟ هل تنعدم المساواة فيها ؟؟ فالمساواة يدجب ان تُطبق داخل كل الانظمة الديموقراطية منها والغير ديموقراطية حتي تنعدم مشكلات الصراع الطبقي الناتج عن شعور الافرادج او الطبقات بعدم المساواة  .

المساواة والانصاف : 

وكثيرا ما تستخدم مصطلحات الانصاف والمساواة ،  فالمساواة هي صفه لها معني أوسع من الانصاف وتعرف المساواة عاده علي انها  اعطاء الجميع نفس المعاملة ونفس الفرص علي قدم المساواة بمعني ان الجميع يعامل كأفراد بغض النظر عن اللون والعرق والدين او الحالة الاجتماعية وغيرها  ،بينما يشير الانصاف إلى الشعور التلقائي الصادق بما هو عدل أو جور، اي انها تميل اكثر الي العدالة لا الي المساواة فالانصاف يعني المساواة في المعامله اي المعامله بالمثل  كذلك هو العدل في المعاملة بأن لا يأخذ من صاحبه من المنافع إلّا ما يعطيه، ولا ينيله من المضارّ إلّا كما ينيله لذلك اري ان هناك علاقة تبادلية بينهما 

هيئة تحرير مجلة تسامح الالكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wpChatIcon
translate